القطار...
هكذا كان لقاؤنا مرتبطا دوما بالقطار!!
فقط خمس دقائق اذوب قبلها شوقا للقائه وما ان اراه حتى تهرب روحي مني لتعانق روحه....
يسود الصمت فلا اسمع الا همسه لي ..........
يمر الوقت كالبرق وترتفع صافرة الانذار لتعلن موعد الرحيل يرتجف جسدي خوفا من لحظة الوداع.
وما أقربها من لحظة !!
اتجمد في مكاني وكأن كل شيء لم يعد له قيمه حتى انفاسي تهرب مني تود اللحاق به ...
لحظات متناقضة اختبرها كلما قابلته فاتمسك به اكثر ..
لماذا ؟؟
لا ادري !!
اذكر احدى لقاءاتنا وانا اكتب الان وكأنه شريط سينمائي اراه امام عيني ...
دقت الساعه الثالثة والنصف عصرا وكنت قد استغرقت في إحدى اللوحات لدرجة أنستني كم من الساعات مر وأنا في ذات الوضع دون ملل..
فانتبهت فجأة وتركت لوحتي وأنا ساخطة عليها فقد كاد انشغالي بها ينسيني موعدي مع الحياة.
ذهبت مسرعة الي محطة القطار وقد تأخرت عن الموعد بضع دقائق وكادت روحي تنفلت من جسدي حينما وجدت المحطة خالية وقد غادر القطار ليزيد لوعتي واشتياقي..... أيقنت اني تأخرت ولن اراه بعد طول الغياب ومن فرط الالم لم استطع الوقوف فقد خانتني قدماي ...
جلست انتحب في صمت بلا دموع ..وكأن الظلام قد خيم على المكان ونحن في وضح النهار ولم اعد اسمع شيئا إلا دقات قلبي المتهالكة وهي تعاتبني على تأخري عن اللقاء.
تمالكت نفسي بعد ان منيتها بلقاءه عن قريب ...وهممت بالرحيل فلم استطع ....
ماتخيلت يوما ان ترتبط حياتي بذلك الجسم المعدني الفاقد للشعور لم اعهده منضبطا هكذا حتي ينضبط اليوم ليقتل فرحتي بلقاء حبيبي.
لم تمر سوى لحظات قصيرة خلتها دهرا طويلا حتى سمعت صوتا من خلفي ايقظ بداخلي كل حواسي التى فقدتها واعاد لي الحياة التي ظننت انها تخلت عني..
حبيبتي ... شعرت بلمسة حانية تربت على كتفي..
لم ارفع عيني خشية ان يكون حلما .... لكنه اعاد كلمته السحريه على مسامعي ...
حبيبتي ...انا هنا ... لم استطع الرحيل دون لقاءك..
نظرت إليه بعينين دامعتين.....نظرة واحدة استوعبت بها وجهه بقسماته القوية، وعينيه الكحيلتين تحت حاجبين طويلين أسودين وشعره الأسود كالليل الحالك
كم اشتقت لتلك الملامح الرجولية وذلك الصوت الرزين الباعث على الراحة والأمان ..
حبيبي ...بل عمري كان صوتي قد أصبح مجرد همس خافت تكاد النسمات تبدده حتى قبل أن أتلفظ به... لم اشعر إلا وأنا ارتمي في أحضانه ...كطفلة صغيرة اشتاقت لحنان أبيها بعد طول غيابه . وتركت روحي تنهل من عذب روحه ؛ لتحيا من جديد.
وبدأت اشعر بنبض الحياة من حولي وإذا بنفسي ترميني بنيران اللوم والعتاب لعفويتي في لحظة اللقاء...
ولكن ماذا افعل وقد وهبني الحياة بعد ان فارقتني لحظات.
غادرنا محطة القطار بأيدِ متشابكة ... ومشينا تظلنا الاغصان بفروعها المتدلية فتداعبنا حينا ونداعبها احيانا فيهب النسيم وقد غار منا على الاغصان ..ضحكنا كثيرا حتى الدموع وتحدثنا ولكن بلغة العيون ... مر الوقت سريعا فشردنا وقد علم كلانا ان اوان الرحيل قد حان ..
امسك يدي بقوة وقال في حزم: يجب أن يتوج حبنا بالزواج سأحدث والدك وأخبره كم احبك واني مستعد للتضحية بكل عزيز وغالي كي أبقى بقربك ...
أريد فقط فرصه كي تنتهي دراستي وبعدها لن يقف شيء في طريق حبنا .... فهل يرضي والدك بشاب مثلي في بداية الطريق ... لا أريد سوى وعد منه بأنك لن تكوني لسواي ..
وتساءل بصوت خافت إن كان أهلا لأن يأخذ منه مثل هذا الوعد في هذا الوقت وشرد كثيراااااااا حتى ظننت انه ماعاد يشعر بوجودي !!!
طمأنته أن والدي لا يرغب سوى في سعادتي وأن سعادتي لن تكون مع احد سواه.
نظر في ساعته وقال بأسى..حان موعد الرحيل.. اردت العودة معه الى محطة القطار لكنه سارع بايقاف تاكسي وأردف قائلا لا أحب لحظة الوداع سأبقى دائما على اتصال...طبع قبلة حانية على جبيني وودعني قائلا ... إلي اللقاء حبيتي
نظرت اليه وضممته بعيني وانا أردد إلي اللقاء يا عمري...
ورأيته يبتعد عني وهو شارد فشغلني شروده أكثر مما آلمني فراقه وتساءلت بدوري هل حقا يمكن ان يقف والدي في طريق سعادتي ؟؟؟
لا ... لا يمكن لقد كنت صريحة مع والدتي منذ اللقاء الاول وهي تعلم بمدى تعلقي وحبي له وبالتأكيد ستقف بجانبي لاقناع ابي ولن ارضى عن الموافقة بديلا.
مرت أيام وأنا دائمة الاتصال بحبيب قلبي وضياء عمري إلي أن حانت الفرصة المناسبة فاتفقنا على تحديد موعد للقاء والدي ليشرح كافة ظروفه وأيضا لإثبات الجدية وحسن النيه ..
وقد كان ........